ما هي اختصاصات المديريات الإقليمية في المغرب؟

لم تعد المديرية الإقليمية، التي كانت تُعرف سابقاً بالنيابة الإقليمية، مجرد مصلحة ممركزة تابعة للوزارة مباشرة، بل أصبحت في إطار تطبيق القانون رقم 07.00 ومبدأ اللاتمركز الإداري والتربوي، مصلحة خارجية أساسية تابعة للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين (AREF)، هذا التحول منح المدير الإقليمي دوراً تنفيذياً حاسماً في تحقيق أهداف الجهوية المتقدمة على المستوى المحلي.

إن الكلمات المفتاحية مثل اختصاصات المديريات الإقليمية للتربية والتكوين ومهام المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية تبرز أن هذه المديريات هي نقطة التماس المباشرة بين السياسات التعليمية العليا والواقع الميداني للمؤسسات التعليمية، فهي تتولى مهمة التخطيط الدقيق، وتدبير الموارد البشرية، ومراقبة العمل التربوي في دائرة نفوذها الترابي.

1. الإطار القانوني والوظيفة الأساسية للمديرية الإقليمية

تُنظَّم اختصاصات المديريات الإقليمية بموجب القرارات الوزارية الخاصة بكل أكاديمية جهوية، وتُدار من طرف مدير إقليمي يُعهد إليه تسيير هذه المصالح في حدود الصلاحيات المفوضة له من طرف مدير الأكاديمية الجهوية المعنية.

الوظيفة الأساسية للمديرية الإقليمية هي التنفيذ والتنزيل الميداني للتوجهات الكبرى للأكاديمية والوزارة على مستوى العمالة أو الإقليم، مع الأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات البيداغوجية والاجتماعية والمحلية للإقليم.

2. الاختصاصات التخطيطية واللوجستية

تعتبر المديرية الإقليمية مركز التخطيط والدراسات اللوجستية على مستوى الإقليم، وتتجلى مهامها في هذا الجانب فيما يلي:

أ. الخريطة المدرسية والتوقعات

  • إعداد المخطط التنموي الإقليمي: تتولى المديرية إعداد المخطط التنموي للإقليم أو العمالة في مجال التعليم الأولي، والابتدائي، والثانوي الإعدادي والتأهيلي، انطلاقاً من التوجهات العامة للأكاديمية.
  • إعداد الخريطة المدرسية الإقليمية: تقوم المديرية بـ إعداد الخريطة المدرسية الإقليمية (والتي تشخص واقع التعليم وتحدد الاحتياجات المستقبلية)، وبرمجة حاجات الإقليم أو العمالة من:
    • البنايات والتجهيزات المدرسية (تحديد أين ومتى تُبنى المدارس، وتوفير المعدات).
    • الموارد البشرية والمالية والمادية (تحديد الحاجيات من الأطر والتجهيزات).
  • التحليل والاستشراف: تعمل على تحليل الوضع التربوي للسكان، خصوصاً ممن هم في عمر المدرسة، وتستخدم البيانات الإحصائية لاحتساب التطور المستقبلي لأعداد التلاميذ وتعيين الاحتياجات بدقة.

ب. تدبير الموارد البشرية والمادية

تُعدّ المديرية الإقليمية هي الجهة التنفيذية المسؤولة عن تدبير الموظفين في المؤسسات التابعة لها، بما يشمل:

  • تنفيذ القرارات الإدارية: المصادقة على الوثائق والتصرفات الإدارية الخاصة بـ تدبير الموارد البشرية للعاملين بالمديريات الإقليمية (كقرارات النقل والتعيين الإداري لبعض الأطر).
  • تدبير البناءات والتجهيزات: تتولى مسؤولية البناءات الجديدة، وعمليات الصيانة، وترشيد استغلال التجهيزات والممتلكات داخل المؤسسات.

3. الاختصاصات التربوية والإشراف المباشر

لا يقتصر عمل المديرية الإقليمية على الجانب الإداري والمالي، بل يمتد ليشمل الإشراف المباشر على جودة العمل التربوي داخل الفصول:

أ. الإشراف على الأداء التربوي

  • تتبع وتقويم العمل التربوي: تقوم المديرية بـ تتبع وتقويم العمل التربوي في المؤسسات التعليمية العمومية والخصوصية على المستوى الإقليمي، هذا التتبع يتم عبر مصلحة الشؤون التربوية وتأطير المؤسسات.
  • تنظيم وتتبع الدراسة: السهر على تنظيم وتتبع سير الدراسة بالمؤسسات التعليمية، والإشراف على توزيع البرامج الدراسية عليها.
  • البحث الديداكتيكي: تعمل على الارتقاء بالبحث التربوي على المستوى الإقليمي، وتشجيع إنتاج الموارد البيداغوجية والديداكتيكية (كحقائب الدعم والتقويم).

ب. تنفيذ برامج الدعم ومكافحة الهدر

تتولى المديرية الإقليمية مهام اجتماعية وتربوية حاسمة تتعلق بالدعم المدرسي ومكافحة الانقطاع:

  • تنفيذ وتتبع البرامج الميدانية الخاصة بـ محاربة الأمية وبالتربية غير النظامية.
  • تتبع تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة بأقسام الإدماج والأقسام العادية.

ج. دعم المؤسسات والمديرين

تلعب المديرية دور المصاحب لمديري المؤسسات:

  • دعم أداء المؤسسات التعليمية، ومصاحبة وتقديم المشورة في المجال التربوي لمديري المؤسسات التعليمية لتجاوز معيقات تنزيل مشاريع المؤسسة.
  • الإشراف على المصالح الإدارية ومؤسسات التعليم التابعة لدائرة نفوذها الترابي.

4. الاختصاصات الخارجية والشراكة

المديرية الإقليمية هي الواجهة التي تفتح المدرسة على محيطها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي:

أ. الانفتاح والشراكة المجتمعية

  • العمل على انفتاح المصالح الإقليمية ومؤسسات التعليم على محيطها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
  • تنمية مبادرات الشراكة والتعاون على المستوى الإقليمي أو المحلي، هذا يشمل إبرام اتفاقيات مع جمعيات المجتمع المدني، وقطاعات اقتصادية لتنظيم تداريب للتلاميذ (خاصة في التعليم التقني).

ب. مواءمة المناهج مع الخصوصيات المحلية

تتولى المديرية الإقليمية مسؤولية ملاءمة المناهج والبرامج التربوية والزمن المدرسي مع الخصوصيات والمعطيات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية الإقليمية والمحلية، هذا الدور حيوي لتجسيد مبدأ الجهوية المتقدمة وجعل التعليم مرتبطاً بمتطلبات سوق الشغل المحلي والتنمية البشرية في الإقليم.

5. التحديات والآفاق المستقبلية

رغم الدور المحوري للمديرية الإقليمية كأداة لللاتمركز، إلا أنها تواجه تحديات مستمرة، أبرزها:

  • الازدواجية الإدارية: وجود بعض التداخل بين اختصاصات المديرية الإقليمية (التابعة للأكاديمية) والوزارة مركزياً، مما قد يؤدي إلى اضطراب إداري وتساؤلات حول نجاعة التسيير.
  • جودة التسيير: يتطلب نجاح المديرية الإقليمية قيادات إدارية (المدير الإقليمي) ذات كفاءة عالية، قادرة على اتخاذ القرارات الفعالة وتطبيق سياسات الجودة، ومواجهة أية إعفاءات أو تغييرات مفاجئة قد تطرأ على الجهاز الإداري.
  • تمويل المشاريع: ضرورة توفير الموارد المالية والبشرية الكافية لتنفيذ الخطط التنموية الطموحة، خصوصاً تلك المتعلقة بالبناءات والتجهيزات والتعليم الأولي.

إقرا أيضا: ما هو النظام الخاص بمؤسسات التربية والتعليم في المغرب؟

خاتمة

تُعدّ المديريات الإقليمية هي الخلية التنفيذية الأقرب للمؤسسات التعليمية والمجتمع المحلي، وهي الأداة التي تضمن تحويل السياسة التعليمية الوطنية إلى أفعال ملموسة داخل كل قسم ومدرسة، إن اختصاصاتها الواسعة في التخطيط، والإشراف التربوي، وتنمية الشراكات تضعها في قلب ورش الإصلاح الهادف إلى تجويد التعليم والارتقاء بأدائه، بما يخدم مصلحة المتعلم ويُحسن من جودة الخدمات التعليمية المقدمة بالإقليم.

عرض حول مهام واختصاصات مصلحة التخطيط والخريطة المدرسية بالمديرية الاقليمية لوزارة التربية الوطنية:

المرجع يتناول بالتفصيل مهام مصلحة حيوية داخل المديرية الإقليمية، وهي التخطيط، مما يدعم محتوى المقال حول أدوار المديريات الإقليمية.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *