برلمان الطفل ليس مجرد نشاط ترفيهي أو مسابقة مدرسية، بل هو مؤسسة تربوية وديمقراطية ناشئة، تهدف إلى إعداد الجيل القادم للمشاركة في الحياة العامة وتحمل المسؤولية، يُعدّ هذا المفهوم محوراً في الإصلاحات التي تتبنى التربية على المواطنة وحقوق الإنسان، ويعكس التزاماً بتمكين الأطفال من التعبير عن آرائهم بشكل مؤسساتي.
فهرس المقال
1. تعريف برلمان الطفل وطبيعته المؤسساتية
أ. ما هو برلمان الطفل؟
برلمان الطفل هو إطار وطني وإقليمي يتيح لعدد من الأطفال من مختلف أنحاء المملكة فرصة الالتقاء والتشاور والتعبير عن آرائهم، ومساءلة أعضاء الحكومة بشأن القضايا الوطنية المتعلقة بالطفولة.
- طبيعته: هو مؤسسة غير حكومية، ذات طبيعة معنوية قائمة على قواعد وأسس ديمقراطية.
- الدور المزدوج: هو في آن واحد مدرسة وإطار للتمرين على الديمقراطية والحوار المؤسساتي، ووسيلة لإثارة الانتباه إلى قضايا مركزية في حياة الأطفال واهتماماتهم.
ب. دوره وتشكيلته
- التشابه والاختلاف مع البرلمان: لا يتعلق الأمر بمحاكاة البرلمان الوطني المنصوص عليه في الدستور فقط، ولكنه يهدف إلى تفعيل آليات المشاركة لدى الأطفال.
- التكوين: يقوم برلمان الطفل محلياً، جهوياً، ووطنياً، ويقوم بالدفاع عن حقوق الطفل وبالتدخل لدى المسؤولين بواسطة تقديم التوصيات والمقترحات وطرح الأسئلة.
- الإشراف: في المغرب، يتم الإشراف على هذا البرلمان من قبل المرصد الوطني لحقوق الطفل، مما يعزز البعد الحقوقي لعمله.
2. الأهداف السامية لبرلمان الطفل (لماذا تم إنشاؤه؟)
يهدف برلمان الطفل إلى تحقيق جملة من الأهداف التربوية والحقوقية والاجتماعية، التي تتجاوز الإطار النظري إلى الممارسة الفعلية:
أ. التربية على المواطنة والديمقراطية
- المساهمة في ترسيخ صرح مؤسسة ديمقراطية: يهدف إلى إنشاء ديناميكية تربوية للتكوين على الديمقراطية والمواطنة والتسامح، مما يغرس في الطفل الحس المدني والسلوك الحضاري.
- التمرين على المسؤولية: تعويد الأطفال على روح المسؤولية والمشاركة الإيجابية في الشأن المحلي والوطني.
ب. تفعيل ثقافة الحوار والمشاركة
- خلق ثقافة الحوار والتفاوض: يهدف إلى خلق ثقافة الحوار والتفاوض بين الأطفال فيما بينهم من جهة، وبين الأطفال والمسؤولين من جهة أخرى، ليعتادوا على الإدلاء بالرأي واحترام الرأي المخالف.
- تفعيل حقوق المشاركة: تفعيل حقوق المشاركة لدى الأطفال، ودورهم في تفعيل ثقافة حقوق الطفل والتحسيس بأهميتها. هذا يعكس مبدأ حق الطفل في التعبير المنصوص عليه في اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل.
ج. مساءلة السياسات العمومية
- إثارة الانشغالات: إتاحة الفرصة للأطفال البرلمانيين لإثارة انشغالات الطفولة المغربية وحاجياتها، ونقل أصواتهم إلى صناع القرار.
- متابعة الاتفاقيات الدولية: متابعة إعمال اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، مما يضمن أن الدولة تفي بالتزاماتها تجاه هذه الفئة العمرية.
3. دور برلمان الطفل في المجتمع (من النظرية إلى الممارسة)
يُعزز برلمان الطفل دوره في المجتمع عبر لجان قارة تناقش قضايا ذات أولوية، ويشكل نقطة تقاطع بين المدرسة والمجتمع:
- تكوين الشخصية القيادية: من خلال برامج التدريب والتأهيل، يساهم البرلمان في تكوين شخصية الأطفال، وتنمية مهاراتهم في النقاش المؤسساتي والقدرة على صياغة التوصيات، مما يؤهلهم ليكونوا قادة المستقبل.
- قضايا المحور: تمحورت أسئلة الأطفال البرلمانيين حول قضايا حيوية مثل: إصلاح قطاع التربية الوطنية، حماية التلاميذ في المحيط المدرسي، الصحة العقلية للأطفال، وإدماج ذوي الاحتياجات الخاصة. هذا يثبت أن الأطفال يشاركون بوعي في قضايا الشأن العام.
- الجانب العملي: يشارك البرلمان في وضع الخطط وتنفيذها على المستوى المحلي، مما يساهم في إيجاد حلول لمشكلات البيئة والنظافة والعناية بالمناطق الخضراء في إطار العمل التطوعي.
إقرا أيضا: تعريف الحياة المدرسية ومجالاتها
خاتمة: الاستثمار في قادة المستقبل
يُمثل برلمان الطفل إبداعاً وطنياً متميزاً، حيث يجسد أهمية الاستثمار في تأهيل الأجيال الصاعدة لممارسة المواطنة الكريمة والديمقراطية الحقة، إنها آلية حية لتوطيد سبل الحوار وتعزيز ثقافة المشاركة، ووسيلة فعالة لتكون المؤسسة التعليمية (كالمدرسة) والمجتمع حاضنة حقيقية لنمو ووعي الأطفال بقضاياهم.
للاطلاع على نموذج لمناقشات برلمان الطفل وقضاياه، يمكنك مشاهدة الدورة الوطنية لبرلمان الطفل.. السياسات العمومية ذات الصلة بقضايا الطفولة في صلب النقاش، هذا الفيديو يوضح كيف يطرح الأطفال أسئلة قيّمة ويكتشفون أولويات الحكومة تجاه حقوق الطفل.



