مفهوم بيداغوجيا المشروع: الرواد والمبادئ

مفهوم بيداغوجيا المشروع الرواد والمبادئ
مفهوم بيداغوجيا المشروع الرواد والمبادئ

تعتبر بيداغوجيا المشروع من الأساليب التعليمية الحديثة التي تركز على تمكين الطلاب من أخذ زمام المبادرة في عملية التعلم من خلال الانخراط في مشاريع حقيقية تعكس اهتماماتهم وأفكارهم، لكن ما هي بيداغوجيا المشروع؟ ومن هم أبرز روادها؟ وما هي أهدافها؟

مفهوم بيداغوجيا المشروع

تعتمد بيداغوجيا المشروع على فكرة أن التعلم يكون أكثر فعالية عندما يكون ذو صلة بحياة الطلاب اليومية ومتطلباتهم الإجتماعية، وقد ورد في كتاب فلسفة التربية عند جون ديوي لمؤلفه أ. عبد الحفيظ البار، أن في عصرنا الحديث، التعلم النظري لم يعد كافيا للإندماج في المجتمع وفي سوق الشغل المتغيّر باستمرار.

لحل هذه الإشكالية قام الفيلسوف وعالم النفس الامريكي جون ديوي (1859 – 1952) بوضع أسس بيداغوجيا جديدة في التعليم سميت بـ بيداغوجيا المشروع التي من خلالها قام بدمج التعلم مع العمل في إطار ما سماه بـ ”التعلم بالعمل” لخلق نوع من التوافق بين المتعلم ومتطلبات بيئته التي تلزمه ببعض الشروط والمؤهلات حتى يكون شخص ناجحا في مساره العلمي والعملي، وخاصة ان البيئة الاجتماعية خارج الفصل (سوق الشغل) تقيّم الشخص ليس بما تعلمه نظريا وإنما بما يتقنه تطبيقيا.

لذلك سعى جون ديوي من خلال هذه البيداغوجيا ترسيخ هذا المبدأ ”التعلم بالعمل”، كوسيلة لتجاوز عائق الاندماج في سوق الشغل.

رواد بيداغوجيا المشروع

تأسست بيداغوجيا المشروع على يد عدد من الرواد الذين ساهموا في تطوير هذا المنهج وتطبيقه في مختلف السياقات التعليمية، ومن أبرز هؤلاء الرواد هو جون ديوي الذي اعتبر أن التعليم يجب أن يكون تجربة نشطة من خلال ربط المعرفة بالحياة الواقعية عبر تقديم مشاريع تتيح للمتعلمين استكشاف العالم من حولهم وأن لا يبقوا مقيدين بما هو نظري فقط.

جون ديوي John Dewey (1859 – 1952)، هو فيلسوف وعالم نفس امريكي، ومن اشهر رواد الفلسفة البراغماتية، كما إهتم كثيرا بعلوم التربية، وكان السباق بطرح فكرة بيداغوجيا المشروع، ولوضع أسس واهداف هذه البيداغوجيا انشأ جون ديوي مدرسة في مدينة شيكاغو عام 1896م من اجل تطبيق نظريته القائمة على ”التعلم بالعمل”، والانتقال من التعلم النظري الى التعلم بالممارسة العملية والتطبيقية، واعتبر ان التعلم الحقيقي هو التعلم بالعمل والتجربة.

أهداف بيداغوجيا المشروع 

يمكن تحديد اهم اهداف بيداغوجيا المشروع في الاتي:

  1. إعتماد منهجية التدبير الجماعي للمؤسسة التعليمية من خلال تفعيل آليات المشاركة في اتخاذ القرارات، وبالتالي يتحقق التوجيه الموحد لمسار التعليم في البلاد.
  2. زيادة القدرة على تتبع مسار المتعلمين ودعمهم المستمر.
  3. تشجيع ابتكار ومواهب وقدرات المتعلمين.
  4. الرفع من مستوى القدرة على التعلم الذاتي و اتقان المهارات.
  5. تُمكّن بيداغوجيا المشروع من خلق جسر تواصلي بين الحياة المدرسية والحياة العامة خارج المدرسة.
  6. – الانتقال بالمواد التعليمية من حيزها النظري الى التطبيق الملموس.
  7. – تحقيق التكامل المعرفي بين جميع المواد الدراسية، حيث ان انجاز بعض المشاريع يتطلب الاخذ من كل مادة تعليمية جزء من معارفها لإكمال متطلبات المشروع.
  8. تنمية روح العمل الجماعي.

من خلال تنفيذ هذه الأهداف بشكل فعّال، يمكن للمشروع البيداغوجي أن يساهم في بناء بيئة تعليمية تحفز على الإبداع والتفكير النقدي وتطوير مهارات الطلاب والمعلمين.

أنواع بيداغوجيا المشروع 

بيداغوجيا المشروع كما سبق الذكر، تقوم على انجاز مشاريع تربوية داخل المؤسسة غايتها الدعم والتوجيه، وهذه المشاريع تنقسم الى ثلاث انواع:

📌 مشروع المؤسسة: يتم وضع اسسه ومخططاته من قبل وزارة التربية والتعليم وفق ما تراه الدولة مناسبا لإصلاح نظام التربية والتعليم، او الذي يتم وضعه من قبل مدير المؤسسة.

📌 مشروع القسم: يتم وضعه من قبل استاذ الفصل بغرض شرح المواد الدراسية للمتعلمين بشكل تطبيقي.

📌 مشروع التلميذ: هو مشروع يتبناه التلميذ من اجل تحقيقه عن طريق التعلم الذاتي.

خطوات إنشاء مشروع بيداغوجي 

من أجل إنشاء مشروع بيداغوجي ناجح، يمكن اتباع الخطوات الآتية:

  1. مرحلة اختيار المشروع: فيها يتم اقتراح مجموعة من المشاريع من قبل المتعلمين، وبعد التفاوض حول تلك المشاريع يتم الاتفاق على مشروع واحد للاشتغال عليه.
  2. مرحلة اعداد المشروع: فيها يتم تحديد الاهداف والكفايات المتوخاة من المشروع، بالإضافة الى تحديد المدة الزمنية الكافية لانجاز المشروع، مع توزيع المهام وتحديد المتطلبات الضرورية.
  3. مرحلة تنفيذ المشروع: فيها يتم الشروع في تنفيذ و انجاز المشروع تحت اشراف الاستاذ او اللجنة المشرف على المشروع.
  4. مرحلة تقييم وتقويم المشروع: فيها يتم تقييم مدى نجاح المشروع في بلوغ اهدافه المرجوة، مع وضع استنتاجات وخلاصات وتصحيح للتعثرات التي قد طرأت اثناء تنفيذ المشروع.

من خلال تنفيذ هذه الخطوات بعناية وإتقان، يمكن تحقيق أهداف التعليم والتعلم بشكل فعال ومثمر.

إقرا أيضا: مفهوم بيداغوجيا الاهداف: الرواد والمبادئ

المبادئ الأساسية لبيداغوجيا المشروع

تتمثل المبادئ الأساسية لبيداغوجيا المشروع في عدة عناصر رئيسية:

  1. التعلم القائم على المشاريع: يُشجع هذا المبدأ على تصميم الدروس التعليمية حول مشاريع تتطلب من الطلاب تطبيق المعرفة والمهارات التي اكتسبوها في سياقات واقعية، يساعد هذا النوع من التعلم على تعزيز الفهم العميق للمادة المدوسة.
  2. التعاون والعمل الجماعي: يعد التعاون جزءًا أساسيًا من بيداغوجيا المشروع، حيث يعمل الطلاب معًا ضمن مجموعات لتحقيق أهداف مشتركة، ويعزز هذا العمل الجماعي مهارات التواصل وحل المشكلات، ويدرب الطلاب على كيفية العمل بكفاءة ضمن المجموعة.
  3. التفكير النقدي والإبداعي: تشجع بيداغوجيا المشروع الطلاب على استخدام التفكير النقدي والإبداعي في معالجة التحديات والمشاكل المعقدة، وذلك من خلال طرح الأسئلة واستكشاف وجهات نظر متعددة، الامر الذي يساعدهم في تحسن قدرتهم على التحليل واتخاذ القرارات.
  4. التقييم المستمر: يركز هذا المبدأ على أهمية التقييم المستمر خلال مراحل المشروع، حيث يتم مراجعة ما تم انجازه في مراحل اعداد المشروع من قبل المشرف أو الأستاذ بشكل دوري للطلاب لمساعدتهم على تحسين أدائهم وتطوير مهاراتهم، ويتم تقييم الطلاب ليس فقط بناءً على النتائج النهائية، ولكن أيضًا على مشاركتهم في العملية التعليمية.
  5. الربط بين المعرفة النظرية والتطبيق العملي: تسعى بيداغوجيا المشروع إلى ربط التعلم النظري بالتطبيق العملي، مما يساعد الطلاب على فهم كيفية استخدام ما تعلموه في الحياة اليومية وفي سياقات العمل المستقبلية.

هذه المبادئ تشكل الأساس الذي يُبنى عليه مفهوم بيداغوجيا المشروع، مما يجعلها أداة فعالة لتعزيز التعلم النشط والمستدام لدى الطلاب.

خلاصة

تعتبر بيداغوجيا المشروع أسلوبًا تربويًا مبتكرًا يهدف إلى تعزيز التعلم النشط والتفاعلي من خلال استغلال المشاريع كوسيلة لتعميق الفهم وتطبيق المعرفة.

لقد اتضح من خلال الدراسات والبحوث أن هذا النوع من التعليم يحسن من مهارات التفكير النقدي والابتكار لدى الطلاب، مما يجعلهم أكثر استعدادًا لمواجهة التحديات في الحياة العملية.

وفي الختام، يمكن القول إن بيداغوجيا المشروع ليست مجرد طريقة تعليمية تقليدية، بل هي فلسفة تعليمية تحسن من دور الطالب كفاعل رئيسي في عملية التعلم، وتبني هذا النهج في التعليم يمكن أن يؤدي إلى نتائج إيجابية ملحوظة، ويُعد خطوة هامة نحو تعليم أكثر فعالية وملاءمة لعصرنا الحديث، لذا فإن تشجيع المعلمين على اعتماد بيداغوجيا المشروع يمكن أن يكون له تأثير عميق على مستقبل التعليم.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *