التحول في نظام التربية والتعليم العمومي المغربي لم يقتصر على المناهج فقط، بل شمل إعادة تعريف اختصاصات وأدوار المؤسسات التعليمية لتصبح مراكز حيوية للتربية والتكوين والتنمية، هذه الأدوار مُنظَّمة قانونياً بمرسوم حكومي (المرسوم رقم 2.02.376 الصادر في 2002)، والذي يُلزم المؤسسات بتجاوز الدور التقليدي للتعليم لتضطلع بأدوار مجتمعية وخدماتية أوسع.
فهرس المقال
1. الإطار القانوني والمفاهيمي للمؤسسات التعليمية
أ. التعريف القانوني
تُعرَّف مؤسسات التربية والتعليم العمومي قانونياً بأنها الهيئات التي توضع تحت سلطة الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، وتتولى تقديم خدمات التربية والتعليم في مختلف المراحل: المدرسة الابتدائية، الثانوية الإعدادية، والثانوية التأهيلية، كل نوع من هذه المؤسسات قد يضم أحياناً مراحل تعليمية أخرى لضمان الاستمرارية التعليمية (مثلاً: الثانوية التأهيلية قد تضم أقساماً إعدادية).
ب. تنوع أنواع المؤسسات
تُصنَّف المؤسسات بناءً على المرحلة التعليمية التي تختص بها:
- المدرسة الابتدائية: يمكن أن تضم تعليماً أولياً أو تعليماً إعدادياً.
- الثانوية الإعدادية: يمكن أن تضم تعليماً ابتدائياً أو تأهيلياً.
- الثانوية التأهيلية: يمكن أن تضم تعليماً إعدادياً، بالإضافة إلى أقسام تحضيرية لولوج المعاهد والمدارس العليا أو أقسام تحضير شهادة التقني العالي.
2. الأدوار المحورية والاختصاصات البيداغوجية
بالإضافة إلى الدور الأساسي المتمثل في تقديم الخدمات التربوية والتثقيفية المرتبطة بالمنهاج الرسمي، تضطلع المؤسسات بأدوار أخرى تهدف إلى تجويد العملية التعليمية والرفع من كفاءة الأطر:
أ. تطوير الكفاءات والتكوين المستمر
تقوم المؤسسات بإنجاز برامج للتكوين والتكوين المستمر لفائدة العاملين بها أو بمؤسسات أخرى، هذا الدور يعكس الوعي بضرورة التحديث الدائم لمهن التربية والتكوين لضمان أن يكون المدرسون والإداريون مواكبين للمستجدات البيداغوجية والديداكتيكية.
ب. الإشراف على الأنشطة الموازية والتكنولوجية
يُعدّ الإشراف على الحياة المدرسية جزءاً أصيلاً من مهام المؤسسة، حيث تتولى:
- استضافة وتنظيم العروض العلمية والثقافية والفنية والرياضية والتكنولوجية، هذا يعزز من دورها كفضاء للتفتح والإبداع وتنمية الذوق الجمالي.
- تفعيل أدوار المجالس التعليمية (مجالس المواد) لدراسة وضعية تدريس المادة، ومناقشة المعوقات التي تعترض تطبيق المناهج، واقتراح برامج الأنشطة التربوية الخاصة بكل مادة.
ج. الدعم التربوي ومحاربة الهدر
تضطلع المؤسسات بدور اجتماعي هام من خلال:
- إنجاز برامج للدعم التربوي ومحاربة الأمية، وتقديم خدمات التربية غير النظامية على سبيل التعاقب، هذا يهدف إلى إدماج جميع الفئات وتقليص الفوارق التعليمية.
- تحليل واستغلال نتائج التحصيل الدراسي لتحديد وتنظيم عمليات الدعم والتقوية المناسبة لاحتياجات المتعلمين.
3. الأدوار الخدماتية اللوجستية والملحقات
تتجاوز اختصاصات المؤسسات الجانب البيداغوجي لتمتد إلى توفير الخدمات اللوجستية التي تضمن الظروف المثلى للتعلم:
أ. خدمات الإيواء والإطعام
تقوم المؤسسات بتقديم خدمات الإيواء والإطعام إذا كانت تتوفر على أقسام داخلية أو مطاعم مدرسية، وتحدد قواعد تقديم هذه الخدمات بقرار من السلطة الحكومية، هذا الدور حيوي لضمان استقرار المتعلمين من المناطق البعيدة.
ب. المرافق الملحقة والتجهيزات
يمكن أن تتوفر المؤسسات على مرافق متخصصة تخدم العملية التعليمية، مثل:
- مختبرات وقاعات متخصصة، خاصة القاعات متعددة الوسائط، لدعم الأنشطة العلمية والتكنولوجية.
- أقسام تطبيقية لفائدة مراكز التكوين التابعة لقطاع التربية الوطنية.
4. مبدأ الحكامة الإدارية والقيادة التشاركية
لتنفيذ هذه الأدوار المعقدة، تعتمد المؤسسات على آليات التأطير والتدبير التربوي والإداري المكونة من الإدارة التربوية والمجالس (مجلس التدبير، المجلس التربوي، مجالس الأقسام).
- التدبير الأمثل للموارد: يجب على المؤسسات أن تقوم بتوزيع مُحكَم وتدبير أمثل لاستعمال الحجرات والتجهيزات المتوفرة لديها، وذلك عن طريق تمديد وتنسيق الأوقات طوال النهار وأثناء الساعات المسائية والعطل المدرسية، لضمان أقصى استفادة من الفضاءات.
- القيادة التشاركية: يُعدّ الإطار القانوني للمؤسسات مؤطراً للتوجه نحو اللامركزية الإدارية والتربوية، حيث تُصبح المؤسسة هي المركز الذي يتخذ القرارات ويضع برنامج العمل السنوي بعد دراسته من قبل مجلس التدبير.
خاتمة
لقد تطور دور مؤسسات التربية والتعليم العمومي المغربي من مجرد هيئة للتلقين إلى وحدة أساسية للتدبير التربوي والاجتماعي، تضطلع بمهام حيوية في التكوين المستمر، والدعم التربوي، وإدارة الأنشطة الموازية.
إن نجاح منظومة الإصلاح يتوقف بشكل كبير على مدى فاعلية هذه المؤسسات في تطبيق اختصاصاتها، وتحويل التوجيهات القانونية إلى ممارسات صفية حية تخدم المتعلم وتُنشئه على المواطنة والكفاءة.
يقدم هذا الفيديو قراءة مفصلة للمرسوم الذي يحدد اختصاصات المؤسسات التعليمية، وهو مرجع أساسي لفهم أدوارها.
المرسوم رقم 2.02.376(17 يوليو 2002 ) بمثابة النظام الأساسي الخاص بمؤسسات التربية والتعليم العمومي .



