مفهوم البيداغوجيا الفارقية ومبادئها

مفهوم البيداغوجيا الفارقية ومبادئها
مفهوم البيداغوجيا الفارقية ومبادئها

في إطار البحث عن طرق جديدة لتحسين تجربة التعلم لدى المتعلمين تبرز البيداغوجيا الفارقية كأداة فعالة لتخصيص التعليم وتكييفه ليتلاءم مع مؤهلات وقدرات كل متعلم على حدة.

تهدف هذه المقالة إلى استكشاف مفهوم البيداغوجيا الفارقية، وأهم مبادئها، وكيف يمكن أن تساهم هذه البيداغوجيا في تحسين التعلم الفردي وخلق بيئة تعليمية شاملة تركز على دعم كل طالب على حدة في مساره الدراسي.

1- ما هي البيداغوجيا الفارقية؟

البيداغوجيا الفارقية هي بيداغوجيا تقوم على تنويع طرق التدريس، وتراعي الفوارق الفردية للمتعلمين (الاجتماعية – النفسية – الذهنية والعقلية).

فهي تتميز بكونها:
📌 بيداغوجيا تفريدية: لأنها تلزم المعلم على التعامل مع كل متعلم على حدى بما يتناسب مع مؤهلاته وقدراته.
📌 بيداغوجيا شرطية: لأنها تنسجم مع كل المتغيرات التي تطرأ على مجال التربية والتعليم.

وأول من اطلق على هذه البيداغوجيا اسم ”الفارقية” كان الباحث التربوي الفرنسي لويس لوغران Luis legrand  عام 1973م، وذلك بعد ملاحظته للفوارق الذهنية والعقلية والوجدانية والحركية التي يتميز بها كل متعلم على حدى داخل الفصل الدراسي الواحد.

وبسبب وجود تلك الفوارق بين المتعلمين كان من الصعب استيعاب المقررات والدروس المقدمة لهم بالوثيرة نفسها، فانقسم المتعلمون إلى أربعة فئات:

– فئة متميزة تستوعب المعرفة المقدمة اليها بسرعة.
– فئة بطيئة في استيعابها.
– فئة لا تستوعب اطلاقا.
– فئة لا تستوعب شيء بسبب اعاقتها الذهنية، او الحركية، او اللغوية…

فاستنتج لويس لوغران أن اسلوب التربية الذي يوحد كل المتعلمين على اساس ان لهم نفس المؤهلات والقدرات الذهنية والعاطفية والحركية والعقلية … غير صالح في مجال التربية والتعليم، لذلك رأى في ”البيداغوجيا الفارقية” الحل الانسب لتجاوز هذه المعيقات والصعاب في تمرير المعرفة للمتعلمين بشكل من الانصاف.

إقرا أيضا: بيداغوجيا حل المشكلات مفهومها وأهدافها

2- أشكال تطبيقات البيداغوجيا الفارقية 

يمكن تطبيق البيداغوجيا الفارقية داخل الفصل الدراسي على مستويين:

– تطبيق على المستوى الفردي: وذلك من خلال التعامل مع كل متعلم على حدى بما يتناسب مع مؤهلاته، وخاصة مع أولئك الذين يعيشون ظروف خاص وقاهرة.
– تطبيق على المستوى الجماعي: وذلك من خلال تقسيم متعلمي الفصل إلى مجموعات حسب المستوى أو الحاجات أو الاهتمامات.

3- أهداف البيداغوجيا الفارقية 

كما جاء في الدليل البيداغوجي للتعليم الابتدائي الخاص بالمملكة المغربية، يمكن جرد اهم اهداف البيداغوجيا الفارقية في النقاط الاتية:

  • التقليص من تأثير الفوارق الاجتماعية على مدى قدرة المتعلم على استيعاب المادة المدروسة.
  • الحد من ظاهرة الهدر المدرسي نتيجة الفشل الدراسي.
  • تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين كل المتعلمين بدون استثناء.
  • تمكين المتعلم من إظهار أقصى ما يملك من قدرات ومهارات من اجل التمكن من اكتساب المعرفة الموجهة له.
  • زيادة الرغبة في التعلم لدى المتعلم بحماس وشغف.
  • تشجيع المتعلم على الاستقلالية والتعلم الذاتي.

4- التحديات والفرص في تطبيق البيداغوجيا الفارقية

تعتبر البيداغوجيا الفارقية نهجًا تعليميًا يهدف إلى تلبية احتياجات كل الطلاب باختلاف مؤهلاتهم وقدراتهم، مما يتيح لهم فرصة أفضل للتعلم الفعّال، ومع ذلك يواجه المعلمون العديد من التحديات عند تطبيق هذا النوع من البيداغوجيا في الفصول الدراسية، ومن أبرز هذه التحديات:

📌 اختلاف وتنوع مستويات الطلاب، الأمر الذي يتطلب من المعلم تصميم أنشطة تعليمية متنوعة تناسب كل طالب على حدة، هذا قد يعني أن المعلم يحتاج إلى مزيد من الوقت والجهد لتخطيط الدروس، مما قد يُثقل كاهله في بيئة تعليمية مكتظة.

📌 إلى جانب ذلك، فإن تقويم الأداء الفردي للطلاب يعد تحديًا آخر، إذ يحتاج المعلم إلى أدوات تقييم دقيقة تساعده على فهم مستوى تقدم كل طالب وتحديد الجوانب التي تحتاج إلى تحسين.

ولكن على الرغم من هذه التحديات، هناك فرص كبيرة لتطبيق البيداغوجيا الفارقية، فعلى سبيل المثال:

📌 يمكن أن يؤدي استخدام التكنولوجيا التعليمية إلى تسهيل تخصيص المحتوى التعليمي، مما يمنح الطلاب اختيارات متعددة تتناسب مع اهتماماتهم ومستوياتهم.

📌 علاوة على ذلك، يمكن أن تحسن البيداغوجيا الفارقية من التفاعل بين الطلاب، حيث يشجع التعلم القائم على التعاون ومشاركة المعرفة والخبرات، مما يساهم في بيئة تعليمية غنية ومشجعة.

في النهاية، رغم التحديات، فإن الفرص التي توفرها البيداغوجيا الفارقية لخلق تجارب تعليمية مخصصة تعود بالنفع على الطلاب، تجعلها أسلوبًا تعليميًا يستحق الاستثمار والاهتمام.

خلاصة

تُعَدّ البيداغوجيا الفارقية منهجًا تعليميًا مبتكرًا يهدف إلى تلبية احتياجات جميع المتعلمين من خلال تكييف أساليب التدريس والمواد التعليمية لتتناسب مع تنوع قدراتهم واهتماماتهم.

وفي ختام هذا الموضوع، من الواضح أن تطبيق مبادئ البيداغوجيا الفارقية يساهم بعمق في تحسين تجربة التعلم الفردي، مما يجعله أكثر فاعلية وإيجابية.

كذلك يمكنني أن أقدم لك بعض التوصيات الاخرى من أجل تطبيق هذه البيداغوجيا بكفاءة في المؤسسات التعليمية:

  1. التقييم المستمر: يجب على المعلمين إجراء تقييمات دورية لفهم مستوى كل طالب واحتياجاته الخاصة، ويمكن استخدام أدوات تقييم متنوعة مثل الاختبارات، والملاحظات، والمقابلات.
  2. تكييف المناهج: ينبغي على المعلمين تطوير مناهج مرنة تتضمن خيارات متعددة للمحتوى والأنشطة، بحيث يستطيع الطلاب اختيار ما يتناسب مع أسلوب تعلمهم الخاص.
  3. استخدام التقنية: يمكن للتكنولوجيا أن تلعب دورًا كبيرًا في التعليم القائم على البيداغوجيا الفارقية من خلال توفير موارد تعليمية متاحة عبر الإنترنت، مما يتيح للطلاب التعلم بالسرعة التي تناسبهم.
  4. تحفيز التعاون: تشجيع العمل الجماعي بين الطلاب يساعد في تبادل المعرفة والخبرات، ويتيح للطلاب رؤية الموضوعات من وجهات نظر مختلفة.
  5. الدعم النفسي: من المهم تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للطلاب، حيث يمكن أن يؤثر شعورهم بالثقة والقبول بشكل كبير على رغبتهم في التعلم.

من خلال الالتزام بهذه التوصيات، يمكن للمعلمين والمربيين تكريس فعالية البيداغوجيا الفارقية، مما يؤدي إلى تحسين النتائج التعليمية ورفع جودة تعلم كل طالب على حدة.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *