ما هو النظام الخاص بمؤسسات التربية والتعليم في المغرب؟

يمثل النظام الأساسي الخاص بمؤسسات التربية والتعليم العمومي في المغرب، الذي يُنظمه المرسوم رقم 2.02.376 الصادر في 17 يوليوز 2002، الإطار القانوني والمنهجي الذي يحدد أدوار واختصاصات المؤسسات التعليمية في المملكة، لم يعد دور المدرسة مجرد تلقين، بل تحول إلى تدبير تربوي ومالي وإداري شامل، يسعى لتمكين المؤسسة من تحقيق أهداف الإصلاح وتنزيل مبادئ الحكامة الجيدة.

1. الخدمات الأساسية والخدمات الإضافية للمؤسسات التعليمية

تنص المواد الأولى من المرسوم على أن المؤسسة التعليمية (ابتدائية، إعدادية، تأهيلية) تتجاوز مهامها البيداغوجية الصرفة لتقدم خدمات متكاملة للمتعلم والبيئة المحيطة به:

أ. الخدمات الأساسية والتعليم النظامي (المادة 1)

يتمثل الدور الأساسي للمؤسسات في تقديم خدمات التربية والتعليم في سائر مراحل التعليم الأولي والابتدائي والثانوي، هذا يشمل كل الأنشطة المباشرة المتعلقة بالمنهاج الرسمي. كما يمكن للمؤسسة أن تضم مختلف الأسلاك التعليمية (ابتدائي، إعدادي، تأهيلي).

ب. الخدمات الإضافية والتكوين المستمر (المادة 4)

لتعزيز دورها المجتمعي، تشمل خدمات المؤسسات ما يلي:

  1. التكوين والتأطير: إنجاز برامج للتكوين والتكوين المستمر لفائدة العاملين بالمؤسسة أو بمؤسسات أخرى، هذا يضمن التحيين المستمر لكفاءات الأطر وتطوير أساليب التدريس.
  2. الدعم ومحاربة الأمية: الجمع بين التربية النظامية والتربية غير النظامية على سبيل التعاقب، وإنجاز برامج للدعم التربوي ومحاربة الأمية، هذا يخدم مبدأ تكافؤ الفرص ويُعالج ظاهرة الهدر والانقطاع المدرسي.
  3. التنشيط الثقافي والعلمي: استضافة العروض العلمية والثقافية والفنية والرياضية والتكنولوجية، هذا يعزز الحياة المدرسية كفضاء للتفتح والإبداع.
  4. خدمات لوجستية: توفير أقسام داخلية أو مطاعم مدرسية وخدمات الإيواء والإطعام، خاصة للتلاميذ من المناطق البعيدة.

2. آليات التأطير والتدبير: هيكل القيادة التشاركية

لتنفيذ هذه المهام المتعددة، يتضمن النظام الأساسي هيكلاً إدارياً وبيداغوجياً يعتمد على القيادة المشتركة والمسؤولية الموزعة:

أ. آليات التأطير والتدبير (الإدارة والمجالس)

تنص المادة على أن آليات التأطير والتدبير التربوي والإداري تتكون من إدارة تربوية ومجالس، وقد تم تفصيل مهام هذه المكونات في الأبواب اللاحقة من المرسوم:

  1. الإدارة التربوية: وتضم المدير (القائد المسؤول عن التدبير الإداري والمالي والتربوي)، والناظر، والحارس العام (المسؤول عن النظام والمواظبة).
  2. المجالس: (مجلس التدبير، المجلس التربوي، المجالس التعليمية، ومجالس الأقسام)، وهي هيئات تقريرية واستشارية تضمن التدبير التشاركي للمؤسسة.

ب. دور المدير (الناظم والمشرف)

المدير هو الرئيس الذي يسهر على تنفيذ المناهج والأنشطة التربوية المختلفة، ويقوم بإنجاز الأعمال التمهيدية لأشغال المجلس التربوي، ويضمن حسن سير الدراسة والنظام في المؤسسة، كما يتولى رئاسة مجالس المؤسسة.

ج. دور المجالس في التخطيط والتقويم

تتولى المجالس مهمة تنظيم العمل التربوي ووضع جداول الحصص، وإعداد برامج الأنشطة الداعمة والموازية، كما تتولى المجالس التعليمية (مجالس المواد) مهمة مناقشة المشاكل والمعوقات التي تعترض تطبيق المناهج، وتتبع نتائج تحصيل التلاميذ.

3. آليات الدعم والشراكة لضمان الجودة

لتحقيق الجودة المنشودة في الخدمات، أقر النظام الأساسي بضرورة انفتاح المؤسسة على محيطها، حيث يمكن للمؤسسات:

  • تلقي الدعم: يمكن أن تتلقى المؤسسات دعماً تقنياً أو مادياً أو ثقافياً من لدن هيئات عامة أو خاصة في إطار اتفاقيات للشراكة، هذا يعزز مبدأ التدبير التشاركي مع المجتمع المدني والقطاع الخاص.
  • تجهيز الفضاءات: يمكن للمؤسسة أن تتوفر على مختبرات وقاعات متخصصة، ولا سيما قاعات متعددة الوسائط، لدعم الأنشطة العلمية والتكنولوجية.
  • التدبير الأمثل: تقوم المؤسسات بإنجاز الخدمات وفق توزيع مُحكَم وتدبير أمثل لاستعمال الحجرات والتجهيزات، عن طريق تمديد وتنسيق الأوقات طوال النهار والساعات المسائية، لضمان استغلال كامل للموارد.

4. الأهداف العليا للنظام الأساسي

يهدف هذا النظام، في جوهره، إلى تكريس مبادئ الحكامة والإنصاف وتكافؤ الفرص:

  • المصلحة الفضلى للمتعلم: يشدد النظام على ضرورة تقيد جميع الموظفين بمبادئ النزاهة والشفافية والموضوعية والاستحضار الدائم للمصلحة الفضلى للمتعلمين.
  • توحيد المرجعية: يمثل المرسوم مرجعية موحدة لتنظيم العمل في المؤسسات التعليمية، مما يقلل من العشوائية ويسهل عمليات المراقبة والتقييم.
  • الارتقاء بالكفاءات: يضمن إقرار نظام للتكوين المستمر والأساسي للأطر توحيد المسارات المهنية والاستفادة من نفس الحقوق، والاحتفال بمبدأي الإنصاف والكفاءة.

إقرا أيضا: المنهاج التربوي المغربي: المكونات – الغايات – التحديات

خاتمة: المستقبل في يد الإدارة التربوية

يُعدّ النظام الخاص بمؤسسات التربية والتعليم العمومي (المرسوم 2.02.376) الدستور الإجرائي للمدرسة المغربية، لقد منح هذا النص القانوني المؤسسة القدرة على أن تصبح وحدة للتدبير الإداري والمالي والتربوي، مجهّزة بآليات القيادة التشاركية (المجالس) والشراكة مع المحيط، إن الدور الفعّال للإدارة التربوية في تنفيذ هذه الاختصاصات هو الضمانة الحقيقية لتحقيق التنمية البشرية والارتقاء بالمغرب إلى مصاف المجتمعات المنتجة للمعرفة.

إن فهم الإطار القانوني لمهام المؤسسات التعليمية في المغرب يوضح الكثير عن عملية التدبير الإداري والتربوي، كما يوضحه هذا الفيديو: قراءة في المرسوم 2.02.376 (النظام الأساسي الخاص بمؤسسات التربية والتعليم العمومي) – الجزء الأول.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *