النظرية الجشطالتية روادها ومبادئها

 

النظرية الجشطالتية

مفهوم النظرية الجشطالتية :

النظرية الجشطالتية هي نظرية ترى أن التعلم يقوم على الإنطلاق من الكل الى الجزء ، وذلك من خلال تفكيك المضمون العام للمادة المدروسة الى اجزاء ، ومحاولة فهم كل جزء على حدة في إطار المضمون العام للمادة ، ومحاولة الربط بين كل تلك الاجزاء وفهم طبيعة العلاقة بينهم .
ولتوضيح هذا المفهوم جيدا ، لنعطي مثال وفق ما تراه النظرية الجشطالتية  : مثلا لتدريس نص نثري يحتوى على معارف معينة وهدفنا كدارسين الإحاطة بها وإدراكها ، فمن خلال تطبيق النظرية الجشطاتية ، سنقوم بقراءة ذاك النص النثري كاملا ، ثم استخراج مضمونه وفكرته العامة ( الانطلاق من الكل ) ، وبعدها محاولة تقسيم النص الى أجزاء ومضامين صغرى ومحاولة فهمها في ضوء السياق العام وما فهمناه من الفكرة العامة للنص ( الى الجزء ) ، لان – حسب النظرية الجشطالتية – ان حاولنا عزل كل جزء على حدى وفهمه وتحليله خارجا عن المضمون العام للنص سيحدث نوع من الخروج عن موضوع الدراسة وبالتالي حدوث سوء الفهم وعدم تحقيق التعلم الصحيح .

وهي الطريقة نفسها التي تعتمد في تدريس الحرف الابجدية مثلا في التعليم الابتدائي ، وانتم تتذكرون الامثلة التي كنا نتعلم بها من أجل حفظ حرف من الحروف الأبجدية العربية ، ومنها على سبيل المثال :
فتاة تأكل التفاحة
– فتاة : ةٌ – ةٌ – ةٌ – ةٌ ….. فتاة .
– تأكل : تَ – تَ – تَ – تَ ….. تأكل .
– التفاحة : تُ – تُ – تُ – تُ ….. التفاحة .
ففي هذا المثال من أجل تعلم حرف التاء في الحروف الابجدية العربية ، انطلقنا من جملة : فتاة تأكل التفاحة ( من الكل ) وقمنا بتجزيئها الى كلمات ، وكل كلمة استخرجنا منها حرف التاء الذي هو هدف الدراسة ( الى الجزء ) .

فهذا هو مفهوم وتطبيق النظرية الجشطالتية باختصار شديد .

أهم رواد النظرية الجشطالتية :

من أهم رواد النظرية الجشطالتية نذكر :
– ماكس فريمر .
– جالج كوهلر .
– كورت كوفكا .
وكل هؤلاء الرواد كان لهم موقف موحد اتجاه النظرية السلوكية التي وجهوا لها انتقادات لاذعة ، وخاصة فيما يخص الطريقة المثلى التي يحدث من خلالها التعلم عند الانسان ، ويرون أن التعلم مرتبط أساسا بإدراك المتعلم لذاته والهدف من التعلم ( وهنا يوجه الجشطالتيين انتقاد صريح للسلوكيين الذين اتخذوا من الحيوان نموذج لتجاربهم والذي لا ادراك له ولا يعلم الهدف من تعلمه ) .

بعض مفاهيم الجشطالتية :

اثناء دراستكم لـ النظرية الجشطالتية ستواجهوم الكثير من المفاهيم التي تتكرر دائما معكم والتي تشكل الجهاز المفاهيمي لـ النظرية الجشطالتية ، لذلك في هذه الفقرة وضعنا بين أيديكم أهم المفاهيم التي يجب فهمها ضمن سياق النظرية الجشطاتية :
– الجشطالت : اصل تسمية الجشطالتية هو أصل ألماني Gestalt ، وتعني ” الصورة ” أو ” الشكل ” ، أما الجشطالت في علم النفس تعني : الاهتمام بالكل بدل الجزء ، لان الكل له معنى مختلف عن الاجزاء المكونة له ( وذلك ردّا على النظرية السلوكية التي جزأت العمل التعليمي الى مثير واستجابة ) .
– الإستبصار : هو الفهم التحليلي لكل الأجزاء التي من خلالها يمكن للمتعلم فهم كل الابعاد و الترابطات الحاصلة بين اجزاء الجشطالت .
– البنية : فهي تتكون من العناصر المرتبطة بقوانين داخلية تحكمها ديناميا ووظيفيا .
– الادراك : الادراك حسب رواد النظرية الجشطالتية ، هو الإلمام بكل الاجزاء المكونة للبنية أو الموقف التعليمي ، ومن خلاله يتحقق الفهم و الاستبصار .
– التنظيم : بمعنى معرفة الصيغ التنظيمية التي تحكم بنية الجشطالت .
– إعادة التنظيم : حسب النظرية الجشطالتية فبناء التعلم يتطلب إعادة هيكلة الفعل التعليمي وتنظيمه ، من أجل تجاوز مكامن الغموض والتناقض .
– الانتقال : هو تعميم الموقف على موافق مشابهة ، وذلك حسب النظرية الجشطالتية عندما يقدم المعلم للمتعلم معارفة خاصة بدرس معين ( الموقف ) وبعدها يقدم له وضعيات ديداكتيكية مشابهة لما قدمه له في الدرس من اجل حلها واختبار مدى فهمه واستيعابه للدرس ( مواقف مشابهة ) ، وهذا ما يسمى عند الجشطالتيين بالإنتقال .
– الدافعية الأصلية : حسب النظرية الجشطالتية ، المقصود بالدافعية هو وجود دافع ذاتي داخلي يدفع المتعلم الى الرغبة في التعلم ، وبدونها لن يتحقق التعلم الحقيقي .

مبادئ الجشطالتيين :

من خلال ما سبق ذكره ، يمكن جرد أهم مبادئ النظرية الجشطالتية :
– ” الوعي بالتعلم فعل إنساني ، أما الحيوان فليس له أدنى فكرة عن السبب الذي من أجله يتحول سلوكه … إنه يتعلم بطريقة عمياء ” كورت كوفكا ، وفي قولته هذه يوجه كورت كوفكا انتقادا مباشرا للنظرية السلوكية .
– الاستبصار هو أساس تحقيق تعلم حقيقي بل بدونه لن يتحقق التعلم .
– ومن أجل تحقيق الاستبصار يتطلب إعادة البنية .
– الانتقال هو شرط أساسي من أجل تحقيق التعلم الحقيقي .
– الحفظ والتطبيق للمعرفة دون ابداع او اجتهاد فهو تعليم سلبي .
– الاستبصار هو حافز قوي للتعلم لأنه ينبع من ذاتية المتعلم ، أما التعزيز الخارجي ( كما عند السلوكيين ) فهو عامل سلبي لأنه لا يمثل رغبة المتعلم في التعلم .

الفرق بين النظرية الجشطالتية والنظرية السلوكية :

النظرية السلوكية :
التعلم فعل يشترك فيه الانسان والحيوان .
– التعلم هو عملية سلوكية ناتجة عن مثيرات خارجية .
– التعلم يتحقق عن طريق ثنائية مثير / استجابة .
– التعزيز و المكافأة بعد تحصيل المعرفة عامل ايجابي لتحقيق التعلم المستمر .
– كثرة التكرار والخطأ يؤديان الى تحقيق التعلم .

النظرية الجشطالتية :
– الحيوان لا إدراك له وبالتالي لا يعي بما يتعلم عكس الانسان .
– التعلم هو عملية فهم و إدراك .
– يتحقق التعلم عن طريق إدراك الموقف .
– التعزيز الخارجي هو عامل سلبي وإنما الاستبصار هو العامل المحفز للتعلم .
– التكرار الآلي تعليم سلبي لأنه لا يدع مجالا لإبداع المتعلم واجتهاده

 

إقرأ أيضا :
– النظرية السلوكية روادها ومبادئها ( اقرأ المقال من هنا ) .