منذ الفتح الاسلامي للمغرب ما بين 643م و 709م، كان المغرب تابعا للخلافة الاسلامية في المشرق العربي، لكن بعد سنة 788م عرف المغرب قيام أول دولة اسلامية مستقلة عن دولة الخلافة.
فهرس المقال
فما هي أول دولة مستقلة عن الخلافة الاسلامية في المغرب؟ وكيف نشأت؟ وما هي انجازات هذه الدولة في المغرب؟
أولا: مبايعة إدريس الأول ونشأة دولة الأدارسة
بعد الفتح الاسلامي للمغرب، ظل تحت حكم الخلافة الأموية، لكن الولاة الأمويين الذين ولوا مسؤولية حكم بلاد المغرب اعتمدوا سياسة تقوم على التمييز وعدم اقرار العدل الذي نصت عليه شريعة الإسلام، مما أدى ثورة الأمازيع على الوجود الأموي في المغرب وسميت هذه الثورة بثورة الخوارج سنة 740 م.
كان من نتائج ثورة الأمازيغ إنقسام بلاد المغرب الى الكثير من الامارات الأمازيغية المتنافسة والمتحاربة فيما بينها ومتمثلة في:
- إمارة بني مدرار في سجلماسة.
- إمارة برغواطة في تمسنا.
- إمارة عربية اسمها بني عصام في سبتة.
- إمارة صالح بن منصور في نكور.
هذا الإنقسام ساعد في تهيئة الجو المناسب لظهور دولة جديدة توحد الأمازيغ تحت راية واحدة.
في سنة 786م وقعت حرب دموية بين العلويين والعباسيين في موقعة فخ، ومن المشاركين في هذه المعركة كانت شخصية تاريخية مهمة ستغير مسار تاريخ المغرب الإسلامي وهو إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الذي سيلقب بإدريس الأول.
فرَّ إدريس الأول من تلك المعركة هاربًا إلى المغرب الأقصى، حيث وجد في هذا البلد الفسيح ملاذًا آمنًا.
استقر إدريس الأول في منطقة وليلي، حيث استطاع بفضل كفاءته القيادية وحنكته السياسية أن يكسب تأييد قبائل أوربة المغربية التي كانت ستتقر في مدينة وليلي، وفي عام 788 ميلادي، تمت مبايعته من قبل سكان المنطقة، ليكون بذلك أول أمير ومؤسس للدولة الإدريسية التي سميت باسمه، وقد كانت هذه المبايعة بمثابة اعتراف شعبي بقيادته، مما ساعده في توحيد كل القبائل المغربية الأمازيغية المجاورة تحت راية واحدة، ووضع حجر الأساس لدولته الناشئة.
ثانيا: تطور الدولة الإدريسية من التأسيس الى الإنهيار
في بداية حكم المولى ادريس الأول للمغرب اختار مدينة وليلي كعاصمة له، ثم أسس جيشا قويا وفتح به أغلب المناطق في وسط وشمال المغرب مع السيطرة على أهم الطرق التجارية في المغرب.
ثم بعد ذلك أمر إدريس الأول ببناء مدينة فاس ونقل العاصمة إليها، لكن الأقدار لم تسمح له بمعاينة بناء المدينة الجديدة، حيث تم اغتياله من طرف الخليفة العباسي هارون الرشيد سنة 793م.
بعد مقتل ادريس الأول ترك زوجته حبلى بطفل، فتولى حكم البلاد مولاه راشد الى أن أصبح ادريس الثاني ولد ادريس الأول قادر على حكم البلاد سنة 188هـ/804م، فبويع إدريس الثاني واستمر في الحكم وقام بتوسيع نفوذه الى اقصى شمال المغرب وإتمام بناء مدينة فاس ونقل اليها العاصمة الادارسة، لكن بعد وفاته سنة 829م تولى الحكم ابنه محمد الذي قسم المغرب بين إخوته الامر الذي أدى ضعف الدولة الأدريسة وانهيارها.
ثالثا: بناء مدينة فاس وإشعاعها الحضاري
كان ادريس الأول قد وضع مخطط بناء مدينة فاس وتحديد حدودها الجغرافية، بعد مقتله جاء بعده ادريس الثانية الذي سيمشي على خطى والده ويتمم بناء المدينة، فشرع في بنائها وقام بتقسيمها الى: عدوة الأندلسيين، وعدوة القرويين يفصل بينهما النهر الكبير، وبنى فيها عدة مساجد كبيرة مثل: مسجد الأشياخ ومسجد الشرفاء، بعد أن بنى لنفسه قصرا في عدوة القرويين، وأحاط المدنية بالاسوار لكي يحميها من الغزاة، وشيد لها عدة أبواب.
منذ ذلك الحين لعبت مدينة فاس دورا سياسيا واقتصاديا ودينيا وثقافيا مهمة، حتى اصبحت العاصمة العلمية لبلاد المغرب بعد بناء جامع القرويين على يد فاطمة الفهرية سنة 859م الذي تخرج منه الكثير من علماء الإسلام في مختلف المجالات ومن كل بقاع العالم الإسلامي.
خاتمة
كان الأدارسة أول سلالة تقيم دولة اسلامية مستقلة في المغرب، وتقوم على البيعة والحكم بالوراثة، لكن بسبب ضعف حكم السلاطين الأدارسة بعد وفاة ارديس الثاني، انقسمت الدولة الى دويلات صغيرة ثم اندثرت مع مرور الوقت لكي تسمح لدولة اخرى تحمل مشعل الحضارة في بلاد المغرب وهي دولة المرابطين.